"صرخة تطالب بالعدالة".. مقتل طبيبتين سودانيتين يعيد فتح ملف العنف الأسري

"صرخة تطالب بالعدالة".. مقتل طبيبتين سودانيتين يعيد فتح ملف العنف الأسري
العنف الأسري- أرشيف

في واحدة من أبشع الجرائم الأسرية التي هزت الرأي العام السوداني، قتلت طبيبة سودانية وشقيقتها على يد طليقها، مستخدماً آلة حادة، فيما نُقلت والدتهما وشقيقتان أخريان إلى العناية المركزة نتيجة إصابات بليغة. 

وأعادت الجريمة المروعة التي وقعت في 9 يوليو الجاري، إلى الواجهة قضية العنف الأسري، والتساؤلات حول غياب منظومة الحماية القانونية للنساء، ومع اشتعال منصات التواصل الاجتماعي غضباً، تتعالى الدعوات لوقف مسلسل العنف والانتقام، الذي غالباً ما يمر تحت عباءة "المرض النفسي" والإفلات من العقاب، وفق “وكالة أنباء المرأة”.

بحسب ما وثقته عدة مصادر، بينها شهادات عائلية وتغطيات لوسائل إعلام محلية، وقعت الجريمة يوم الثلاثاء الماضي، حين اقتحم طليق الطبيبة السودانية رؤى دفع الله منزل عائلتها، وهاجمها بآلة حادة، لتفارق الحياة في الحال. 

لم يتوقف العنف عند ذلك الحد، بل قام الجاني بقتل شقيقتها الصغرى دلال دفع الله، وهي طبيبة أيضاً، بطريقة مروّعة حيث قطّع جسدها إلى أشلاء، في مشهد صادم.

وواصل الجاني الاعتداء على باقي أفراد الأسرة، فطعن شقيقتها الثالثة ربى دفع الله وأصابها في رأسها، لتنقل إلى العناية المركزة في حالة حرجة، بينما تعرّضت ريماز دفع الله لإصابات في أصابعها ووجهها، كما هاجم والدتهن رانيا، وأصابها إصابة خطيرة في الرأس، وهي ترقد حالياً في العناية المركزة برفقة بناتها.

الحادثة لم تخلّف فقط قتيلتين، بل أدخلت عائلة كاملة في دوامة الألم الجسدي والنفسي، وسط صدمة السودانيين، وتساؤلات مؤلمة: لماذا تُقتل النساء بهذه الوحشية؟

انتقام ذكوري وغياب الردع

أعربت رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل، سليمة إسحق، عن أسفها لما وصفته بـ"النسق المتصاعد" من جرائم قتل النساء على يد أزواجهن أو طليقهن. 

وأشارت في تصريحات صحفية إلى أن مثل هذه الجرائم غالباً ما تُرتكب بدافع الانتقام بعد الطلاق، نتيجة إحساس الرجل بـ"الإهانة والكسر"، وقالت: "ما لم تتحقق العدالة الكاملة، لن تتوقف هذه الجرائم، فبعض المجرمين يستغلون ثغرات قانونية مثل الشهادات النفسية للإفلات من العقاب".

وأكدت أن هناك حالات سابقة شهدت الحكم بالسجن لسبع سنوات فقط على رجل قتل زوجته أمام أطفاله، بعد حصوله على شهادة مرض نفسي، وتساءلت: "هل الشهادة النفسية صك غفران للقتل؟".

من جانبها، قالت الصحفية المتخصصة في الجريمة آيات فضل، إن استخدام العنف الشديد والآلات الحادة في جرائم القتل أصبح ظاهرة متزايدة، وغريبة على الثقافة السودانية، التي لطالما اعتزت بطابعها المسالم. 

وأوضحت أن "المرأة السودانية لا تتمتع بحماية قانونية فعّالة، ويجب إنشاء آليات عاجلة للتعامل مع قضايا الحضانة والطلاق والنزاعات قبل أن تتفاقم".

صراع ما بعد الطلاق

من جهتها، رأت الإعلامية والمدافعة عن حقوق المرأة سلمى عوض فضيل، أن جريمة قتل الطليقة جريمة انتقامية من الدرجة الأولى، وقالت: "هي ليست ظاهرة، لكنها تتكرر، ما يشير إلى أزمة في بنية العلاقات الأسرية والتعامل مع المرأة كملكية خاصة".

وأشارت إلى أن حب التملك، خاصة بعد الانفصال، يدفع بعض الرجال لاستخدام العنف المميت حين يشعرون بـ"النبذ أو الفقد"، مؤكدة أن هناك خيطاً واضحاً بين النزاعات الزوجية غير المُدارة جيداً والجرائم المروّعة التي تعقبها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية